خدمة الله تعالى - علوم الاخيار

اخر المواضيع

Home Top Ad

Post Top Ad

Responsive Ads Here

الأحد، 29 يوليو 2018

خدمة الله تعالى

ما الفرق بين خدمة الله تعالى ؟ وبين خدمة أسماء الله تعالى ؟ وبين خدمة آيات الله تعالى ؟ وبين خدمة الملائكة ؟ وبين خدمة الروحانيين ؟ وبين خدمة الجن ؟



فأما خدمة الله تعالى فإن الإشارة فيها أرفع شأناً من أن يستطيع جاهلٌ مثلي الخوض فيه


وأقول تبرئتاً من الحول والقوة ما قاله الملائكة الكرام :


قالوا سبحانك ربنا لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم }


ولكن من باب


من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم


فإني أقول أن خدمة الله تعالى


تتجلى في أركان الإسلام وقواعده التي يقوم عليها والتي هي :


الشهادتان والصلاة والزكاة وصيام رمضان والركن الخامس منها ألا وهو الحج


وينقسم ذلك إلى خدمة ظاهرة وخدمة باطنة الظاهرة ماعليها عوام الناس والباطنة هي لمن هم أرفع شأناً منهم كالأنبياء والأصفياء والأولياء والصالحين


وقد أشار الله تعالى في كتابه الكريم بقوله تعالى :


إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله ِ أكبر}


فخدمة الأنبياء والأولياء والصالحين لله تعالى في صلاتهم وصومهم وحجهم وسائر ما شاكل ذلك لا شك وأنها تختلف عن خدمة العوام ومن الفرق في ذلك أن عوام الناس صلاتهم خالية من الروح فتجد الواحد منا يصلي ويصوم ويزكي ولكن تراه


لا يأتمر بما أمر ه الله تعالى ويرتكب ما نهاه الله تعالى أطراف من الليل والنهار


وترى الوساوس تتكابل عليه من كل حدب وصوب وذلك لأن النفس لم تزكى والأخلاق لم تتطهر


وأما من عرف قول الله تعالى


{قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها}


فإن حاله كحال التابعي المشهور عروة بن الزبير الذي كانت صلاته تنسيه كل ما يدور حوله


فقد أصيبت رجلة بالأكلة وقد طلب منه الطبيب شرب النبيذ ليتمكن من تحمل آلام نشر وقطع رجله فأبى ذلك وطلب من طبيبه قطعها وهو مستغرق في صلاته


وأما خدمة الله تعالى في الحج


فالظاهرة ما فيها عوام الناس وقد قال في بعضهم أحد العارفين


" خلق كالأحجار يطوفون بالأحجار "


وأما خدمة الله تعالى الباطنة بالحج فهي ما أشار إليها الإمام الشبلي رحمه الله تعالى وإيانا بإشاراته البديعة حيث أن رجل


جاء إلى الشبلي فقال له الشبلي : إلى أين؟

قال: إلى الحج
قال: هات غرارتين فاملأهما رحمة، واكبسهما، وجئ بهما لتكون حظنا من الحج، نعرضُها على من حضر، ونحييبها من زار
قال: فخرجت من عنده فلما رجعت قال لى: أحججت؟
قلت: نعم
قال لي: أي شيء عملت؟
قلت: اغتسلت وأحرمت وصليت ركعتين ولبيت.
فقال ليعقدت به الحج؟
قلت: نعم
قال: أفَسَختَ بعقدك كل عقدٍ عقدت منذ خُلِقت ممايضاد هذا العقد؟
قلت: لا
قال: فما عقدت
قال: ثم نزعت ثيابك؟
قلتنعم
قال: تجردت عن كل فعل فعلته؟
قلت: لا
قال: ما نزعت
قال: ثم تطهرت؟
قلت: نعم
قال: أزلت عنك كل علةٍ بطهرك؟
قلت: لا
قال: ماتطهرت .
قال: ثم لبيت؟
قلت: نعم
قال: وجدت جواب التلبية مثلاً بمثلٍ؟
قلت: لا
قال: ما لبيت
قال: ثم دخلت الحرم؟
قلت: نعم
قالعقدت بدخولك ترك كل محرم؟
قلت: لا
قال: ما دخلت الحرم
قال: أشرفت على مكة؟
قلت: نعم
قال: أشرف عليك من الله حالٌ بإشرافك؟
قلت: لا
قال: ما أشرفت على مكة
قال: دخلت المسجد الحرام؟
قلت: نعم
قالدخلت فى قربه من حيث علمته؟
قلت: لا
قال: ما دخلت المسجد
قال: رأيت الكعبة؟
قلت: نعم
قال: رأيت ما قصدت له؟
قلت: لا.
قال: ما رأيت الكعبة
قال: رملت ثلاثًا ومشيت أربعًا؟
قلت: نعم
قال: هربت من الدنياهربًا علمت أنك به فاصلتها، وانقطعت عنها ووجدت بمشيك الأربع أمنًا مما هربت منه فازددت لله شكرًا لذاك؟
قلت: لا
قال: فما انقطعت
قال: أصافحت الحجر؟
قلت: نعم
قال: ويلك ؛ قيل: من صافح الحجر فقد صافح الحق ومن صافحه فهو فيمحل الأمن، أظهر عليك أثر الأمن؟
قلت: لا
قال: ما صافحت الحجر
قالأصليت ركعتين بعدها؟
قلت: نعم
قال: وقفت الوقفة بين يدي الله جل وعز،ووقفت على مكانك من ذلك وأديت قصدك؟
قلت: لا
قال: ما صليت
قال خرجت إلى الصفا ووقفت بها؟
قلت: نعم
قال: أي شيء عملت؟
قلت: كبرت عليها.
قال : هل صفا سرك بصعودك على الصفا، وصَغُرَ في عينيك الأكوان بتكبيركربك؟
قلت: لا.
قال: ما صعدت ولا كبرت
قال: هرولت في سعيك؟
قلت نعم
قال: هربت منه إليه؟
قلت: لا.
قال: ما هرولت ولا سعيت
قال: وقفتعلى المروة؟
قلت: نعم
قال: رأيت نزول السكينة عليك وأنت على المروة؟
قلت: لا
قال: لم تقف على المروة
قال: خرجت إلى منى؟
قلت: نعم
قال: أعطيت ما تمنيت؟
قلت: لا
قال: ما خرجت إلى منى
قال: دخلت مسجد الخيف؟
قلت: نعم
قال: هل تجدّد عليك خوف بدخولك مسجد الخيف؟
قلتلا .
قال: ما دخلته
قال مضيت إلى عرفات؟
قلت: نعم
قال: عرفت الحال االتي خلقت لها والحال التي تصير إليها ؟ وهل عرفت من ربك ما كنت منكرًا له ؟ وهل تعرَّف الحق إليك بشيء مما تعرَّف به إلى خواصه؟
قلت: لا.
قال: ما مضيت إلىعرفات
قال: أنفدت إلى المشعر؟
قلت: نعم
قال: ذكرت الله فيه ذكرًاأنساك فيه ذكر من سِواه؟ وهل شعرت بماذا أجبت وبماذا خوطبت؟
قلت: لا
قالما نفدت إلى المشعر.
قال: ذبحت؟
قلت: نعم
قال: أفنيت شهواتك وإرادتك فيرضا الحق؟
قلت: لا
قال: ما ذبحت
قال: رميت؟
قلت: رميت جهلك منك بزيادة علم ؟ طهرعلمك ؟
قلت: لا
قال: ما رميت
قال: زرت؟
قلتنعم
قال: كوشفت شيئًا من الحقائق، أو رأيت زيادة الكرامات عليك للزيارة، فإنالنبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " الحجاج والعمَّار زوارالله حقٌّ على المزور أن يكرم زائره ". (1)
قلت: لا
قال: ما زرت
قال: أحللت؟
قلت: نعم
قال: عزمت على أكل الحلال؟
قلت: لا
قال: ما أحللت.
قال: ودَّعت؟
قلت: نعم
قال: خرجت من نفسك وروحك بالكلية؟
قلت: لا
قال: ما ودَّعت ولا حججت وعليك العود إن أحببت وإذا حججت فاجتهد أن تكون كما وصفت لك .




هذه يا أخي خدمة الله تعالى الباطنة في الحج


واعلم أخي دايخ أن العارفين على أصناف مختلفة ، ومناهج متفاوتة ، ومراتبَ متلوّنة ، وأنواعٍ متفرقة ، ومنازلَ متنوعة ، فمنهم مَنْ عرف الله بالقَدْرِ فخافه ، ومنهم من عرفه بالفضل فأحسن الظن به ، ومنهم مَنْ عرفه بالمراقبة فاعتقد الصدق ، ومنهم من عرفه بالعظمة فاعتقد الخشية ، ومنهم مَنْ عرفه بالكفاية فاعتقد الافتقار إليه ، ومنهم من عرفه بالفرادنية فاعتقد الصَّفوة ، ومنهم مَنْ عرفه به فاعتقد الوصلة ، فوُجِدَ أن الخوف على قدر عرفان القدرة ، ووُجْدان حسن الظن على قدر عِرْفان العظمة ، ووجدان الافتقار على قدر عرفان الكفاية ، ووجدان الصَّفوة على قدر عرفان الفردانية ، ووجدان الوصلة على قدر عرفان الربِّ تعالى ، وكذلك أهل السموات في العبادة والخدمة على مقامات


فمقام بعضهم الحياءُ والحُرْمة ، ومقام بعضهم القُرْبةُ والمُؤَانسة ، ومقام بعضهم رؤيةُ المِنَّة ، ومقام بعضهم المراقبة ، ومقام بعضهم الهيبة ، كما قال الله تعالى:


وما منا إلا له مقام معلوم " صدق الله العظيم


فأهل المعرفة عامَّتُهم يعرفونه على سبيل الخبر في التوحيد عن الصادق الأمين ، سيدنا وسيد العالمين محمد صلى اللهُ عليه وسلم ، فصدَّقوه بقلوبهم وخدموا الله تعالى بأبدانهم ، إلا أنهم دنَّسوا أنفسهم بالذنوب والمعاصي ، فعاشوا في الدنيا على الجهل والتقصير ، فهم على خطرٍ عظيم ، إلا أن يرحمَهم أرحمُ الراحمين


قال ذو النون المصري رحمه الله تعالى


أن أهل المعرفة تركوا الذنب استحياء من كرم الله عزوجل لا خوفا من عقوبته ولو قال الله تعالى لك افعل ما شئت فلست آخذك بذنب هل كان ينبغي لك أن يزيد كرمه سبحانه وتعالى إلا استحياء منه فكيف وقد حذرك !؟


فخدمة الله تعالى الباطنة لا تأتي إلا بمعرفة الله تعالى


فالعارف لا يخلو قلبه من حب الله عزو جل ولا يخلو لسانه من ذكر الله ولا تخلو نفسه من خدمة الله .


وكان سهل بن عبد الله يقول :


علامة الصادق أن يكون له تابع من الملائكة
إذا دخل وقت الصلاة يحثه عليها وينبه إن كان نائماً


وصلى أحدهم ثلاثين سنةً لم يعرف من يمينه ومن عن شماله لشغله بصلاته . وكان مسلم بن يسار إذا دخل في صلاته قال لأهله : تحدثوا فإني لا أسمع حديثكم . وما رؤي مسلم بن يسار ملتفتا في الصلاة قط ولقد انهدمت ناحية من نواحي المسجد ففزع أهل السوق لهدمها وهدتها وهو في المسجد يصلي فلم يلتفت يمينا ولا شمالا .


وقال محمد بن اسلم :


كان الربيع بن خيثم " أدرك النبي صلى الله عليه وسلم "


كان إذا سجد كأنه ثوب ملقى تجئ العصافير فتقع على ظهره وهو لا يشعر .وكان عتبة الغلام إذا قام للصلاة يعرف بدنه في الشتاء والصيف فقيل له في ذلك فقال حياء من الله عزوجل


وعلى ذكر الحياء


فإني أذكر نفسي أولا ثم آتي بما قيل


وما من كاتب إلى سيفنى


ويبقى الدهر ما كتبت يداه


فلا تكتب بخط يديك شيئاً


يسوءك في القيامة أن تراه


فوالله الذي لا إله غيره أنني يوما ما كنت جالسا في مجلسي وكنت أنوي أن أقراء القرآن فمددت رجلي فنازعتني النفس وقالت :


لو كان عندك ضيف في بيتك أكان يطيب لك أن تمد رجلك أمامه وفي مجلسه !!! فكيف بكوالله مطلع عليك وتريد قراءة كتابه


فاستحيت من الله تعالى أن أمد رجلي ثم نمت في تلك الليلة


فما كان إلا أن رأيت رجلا يمشي وأنا أنظر إليه وقائل يقول هذا الإمام زين العابدين وكان لا يرفع رأسه عندما يمشي حياءً من الله تعالى وكان الناس يظنونه أعمى .


وعن عبد الله المغربي قال إني ربما أصلي ركعتين فأنصرف عنها أنا أستحي من الله تعالى حياء رجل انصرف من الزنا


وقيل لبعضهم متى يكون المصلي مناجياً؟ قال : إذا خلا بمولاه وخلا قلبه عن ذكر ما سواه .


وأختم ذلك بما سئل به حاتم حيث قيل له


يا أبا عبد الرحمن كيف تصلي ؟


قال :


إذا حضر وقت الصلاة أقوم فأتوضأ وضوءين وضوءاً ظاهراً ووضوءاً باطناً فقال عصام :


كيف هو ؟


قال :


وضوء الظاهر يعلم وأما وضوء الباطن فالتوبة والندامة من الغل والغش والحسد والشك والكبر


قال عصام :


إن وضوء الظاهر لا ينفع دون وضوء الباطن


قال :


ثم أقصد نحو المسجد فأذكر بيت الله الحرام نحو قبلتي وأذكر مقام إبراهيم بين صدري وأذكر الجنة عن يميني والنار عن شمالي فإن عملت كما هو أهله بعثني إلى الجنة فإن لم أعمل كذلك بعثني إلى النار وأذكر الصراط تحت قدمي فإن لم أستو عليه وقعت في النار وأذكر ملك الموت عليه السلام خلفي وأقول إن ركعت لا يمهلني أن أسجد وإن سجدت لا يمهلني أن أقوم ثم أدخل المسجد على الأمر وأقف وقوفاً بالحق ثم أكثر ذكر عظمة الله تعالى وأقرأ قراءة بالتفكر والتدبر وأسجد سجودا بالتواضع والتضرع والتذلل وأجلس جلوسا بالحلم والسكينة والوقار وأتشهد بالصدق والسنة والصبر وأسلم بالشكر والسرور .


فهذه أخي خدمة الله تعالى فيما أشرنا إليه


وفي ذلك


وأما خدمة الموجودات لمن خدم الله تعالى


فإن الله تعالى فيما يروى عنه قال للدنيا ومن فيها من حجر ومدر وجن وانس وكل ما في الكون مما أوجده


الله تعالى :


يادنيا اخدمي من خدمني واستخدمي من خدمك


فاما من استخدمته الدنيا فهم عامة الناس من الغافلون بأمور الدنيا دون الآخرة


وأما من خدمته الدنيا فهم من خدموا الله تعالى في الأصل الأولى ومنهم الأولياء والصالحين والعابدين الذين قالوا فيما قالوا


من أراد النجاة فعليه بترك السيئات ومن أراد الدرجات فعليه بكثرة الطاعات ومن أراد الكرامات فعليه بحب الخلوات


حكي


أن إبراهم بن أدهم قال :


مررت براع فلقت له :


هل عندك شربة من ماء أو لبن ؟


قال :


أيهما أحب إليك ؟


قلت الماء :


قال :


فضرب بعصاه حجرا صلدا لا صدع فيه فانبجس منه الماء فشربت منه فإذا هو أبرد من الثلج وأحلى من العسل فبقيت متعجبا


فقال الراعي :


لا تتعجب فإن العبد إذا أطاع مولاه أطاعه كل شي .


وعن سليمان بن يسار العجلي قال :


كان لإبراهيم بن أدهم صاحب يقال له يحيى يتعبد في غرفة ليس لها درجة ولا سلم فإذا أراد الخروج لحاجة وقف على باب الغرفة


فقال :


لا حول ولا قوة إلا بالله


ثم يمر في الهواء كأنه طائر حتى يأتي النهر فيتوضأ فإذا فرغ من حاجته


قال :


لا حول ولا قوة إلا بالله


ثم يمر حتى يدخل الغرفة


قال :


فكان العباد إذا اشتاقوا إليه جاءوا فوقفوا حذاء الباب ما شاء الله ثم ينصرفون .


وحكي عن إبراهيم الخليل عليه السلام :


أنه مر فرأى عبدا يتعبد في الهواء


فقال له :


بما نلت هذه المنزلة ؟


فقال :


بأمر يسير فطمت نفسي عن الدنيا ولم أتكلم فيما لا يعنيني ونظرت فيما أمرني به فعلمت به ونظرت فيما نهاني عنه فانتهيت عنه فأنا إن سألته أعطاني وإن دعوته أجابني وإن أقسمت عليه أبر قسمي


سألته أن يسكنني في الهواء فأسكنني .


هذا كان بعض ما انتهى إليه حال من خدم الله تعالى فخدمته الدنيا


وفي ذلك


فليتسابق المتسابقون .

والله تعالى اعلم والحمد لله حتى يرضى وبعد أن يرضى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

للرد على اسئلتكم واستفسارتكم

Post Bottom Ad

الصفحات